الرياضة
آخر تحديث بتاريخ: 4 سنوات

ابراهيموفيتش، قصة كفاح سلطان الكرة

زلاتان ابراهيموفيتش Zlatan Ibrahimović (مواليد 3 أكتوبر1981) هو لاعب كرة قدم سويدي يلعب في مركز الهجوم مع نادي إيه سي ميلان في الدوري الإيطالي الدرجة الأولى. مهاجم من الطراز الرفيع ويسجل الأهداف بغزارة واشتهر بأسلوب لعبه المبدع والقوة وقدرته في الكرات الهوائية ودقة تسديداته القوية. وهو الآن ثالث أكثر لاعب كرة القدم نشط يملك ألقاب جماعية في العالم، بعد حصوله على 32 بطولة في مسيرته. وقد سجل أكثر من 500 هدف في مسيرته مع النادي والمنتخب كبيرا للنادي والوطن.

بدأ ابراهيموفيتش مسيرته الكروية في نادي مالمو في أواخر التسعينات، ثم وقع لنادي أياكس حيث صنع سمعة جيدة كلاعب محترف مع المدرب رونالد كومان. انتقل لاحقاً إلى يوفنتوس وقد نال شهرة واسعة في الدوري الإيطالي بسبب شراكة مع دافيد تريزيغيه، قبل انضمامه إلى غريمه المحلي إنتر ميلان في عام 2006، حيث تم اختياره ضمن تشكيلة الاتحاد الأوربي لكرة القدم خلال العام في عامي 2007 و2009.

وبالإضافة إلى ذلك، سينهي ابراهيموفيتش صدارة قائمة هدافي الدوري الإيطالي لموسم 2008–09، ويفوز بثلاث دوري له على التوالي. في صيف عام 2009، انتقل إلى برشلونة في واحدة من أغلى عمليات الانتقال في العالم آنذاك، قبل أن يعود إلى إيطاليا في الموسم التالي، لينضم إلى ميلان في صفقة جعلت منه واحدا من اللاعبين الأعلى أجرا في العالم.

فاز بلقب دوري آخر مع ميلان في موسم 2010–11، قبل أن ينضم إلى باريس سان جيرمان في يوليو 2012. خلال فترة إقامته في فرنسا لمدة أربعة مواسم، فاز ابراهيموفيتش بأربع ألقاب متتالية في الدوري وثلاثة ألقاب من كأس الرابطة الفرنسية ولقبين من كأس فرنسا وكان هداف الدوري الفرنسي لثلاثة مواسم. تم اختياره ضمن تشكيلة فيفبرو لعام 2013.

في أكتوبر 2015، أصبح هداف باريس سان جيرمان التاريخي، وأنهى مسيرته معهم بتسجيله 156 هدف في 180 مباراة رسمية. بعد فترة قصيرة قضاها مع مانشستر يونايتد، حيث فاز معهم بلقب الدوري الأوروبي ولقبيين محليين، انضم إبراهيموفيتش إلى لوس أنجلوس غلاكسي في عام2018 حتى عام 2019، حيث تعاقد مع نادي إيه سي ميلان.

ابراهيموفيتش هو واحد من عشرة لاعبين شاركوا 100 مباراة أو أكثر مع المنتخب السويدي على مدار 15 من اللعب على المستوى الدولي. إنه هداف منتخب بلاده التاريخي برصيد 62 هدفاً. مثّل السويد في نهائيات كأس العالم لعامي 2002و2006، بالإضافة إلى بطولات أمم أوروبا لأعوام 2004و2008و2012و2016.

حصل على جائزة أفضل لاعب سويدي 11 مرة “رقم قياسي”، من ضمنها 10 مرات متتالية من عام 2007 إلى عام 2016.مع أسلوبه في اللعب وإنهائه البهلواني تمت مقارنته بالمهاجم الهولندي السابق ماركو فان باستن، يُعتبر إبراهيموفيتش على نطاق واسع أحد أفضل المهاجمين في اللعبة وأحد أفضل لاعبي كرة القدم في جيله.

فاز هدفه من البهلواني مع السويد ضد إنجلترا بجائزة بوشكاش لعام 2013 كأفضل هدف خلال العام. خارج الميدان، هو معروف بشخصيته القاسية وتعليقاته الصريحة، بالإضافة إلى إشاراته المتكررة نحو ذاته.

في ديسمبر 2013، تم تصنيف إبراهيموفيتش من قبل الغارديان كثالث أفضل لاعب في العالم، بعد ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو فقط. في ديسمبر 2014، اختارته الصحيفة السويدية داجنز نيهيتر كثاني أكبر رياضي سويدي عبر التاريخ، بعد لاعب التنس بيورن بورغ.

حياة زلاتان ابراهيموفيتش

ولد زلاتان في تاريخ 3 أكتوبر عام 1981 في مالمو بالسويد، وهو يجمع ما بين الأصول البوسنية “والده” والكرواتية “والدته”، لكن أسرته لم تكن مترابطة فالأب شفيق كان مدمن على شرب الكحوليات، وأمه يوركا جرافيتش كان من الشخصيات المهزوزة المتقلبة، وأنتهى هذا الزواج بالطلاق، وقتها كان زلاتان في الثانية من عمره.

قال زلاتان عن فترة انفصال والده ووالدته: حين انفصل والداي لم أكن قد بلغت العامين بعد، لا أذكر أبداً أني رأيتهما معاً  ولا أذكر شيئاً عن الطلاق، لكنه كان هو النتيجة الحتمية لمثل هكذا زواج غير جيد وتميز بالفوض الكبيرة، فقد تزوجت والدتي من والدي فقط لتحصل على تصريح الإقامة في السويد.

كان لدى زلاتان ثلاث شقيقات وأخ واحد، وأصبحت حياته هذه الأسرة صعبة كلما تقدم الأطفال في العمر وزادت مصاريفهم.

عن بدايته علاقته مع الكرة، قال زلاتان: في أحد الأيام كنت غاضباً بسبب إلقاء الشرطة على أمي، ثم ظهرت كرة القدم … بدأت أركل الكرة وتعلقت بها كثيرًا، لم أكن ذلك اللاعب السيء جداً ولم أكن أيضاً الواعد جدًا بل مجرد أحد الصعاليك الذين يركلون الكرة وربما أسوأ حتى ، امتلكت كرة قدم وكانت لي وقد بدأت ألعب كل الوقت، في المدرسة وفي المزارع وحتى بين الحصص المدرسية.

عام 1995، انضم زلاتان إلى نادي مالمو في عمر 14 سنة مع فريق الناشئين، وعندما بلغ الـ18 تم تصعيده للفريق الأول، ومن هنا كانت البداية.

صعلوك يركل الكرة

ارتبط إبرا بكرة القدم نتيجة بقائه في الشارع لساعات طويلة، يقول عن نفسه إنه لم يكن لاعبا جيدا أو سيئا، بل كان صعلوكا يحب الكرة ويركلها في كل وقت وكل مكان ويزداد تعلقا بها كلما صفق له أحد وأشبع غروره، كان يلعبها في الشارع والمدرسة، ويمارسها في المساحات الواسعة والضيقة، لم يترك زلاتان بقعة لم يركل فوقها الكرة، وانضم لفريق مالمو في عمر السادسة، وكان منذ اللحظة الأولى مشروع عبقري عظيم.

لم تكن البطولة بعيدة عن عائلة زلاتان، فبينما كان والده ضحية الكحول والمخدرات كان عمه، ويُدعى “صباح الدين”، في يوغسلافيا بطلا في الملاكمة، لكن قبل أن يُطلق إبرا صرخته الأولى بـ 14 عاما مستقبلا الحياة، تُوفّي ذلك البطل غرقا، وبقيت فقط أشرطته ولقطاته تراثا يستمد منه زلاتان روح البطولة، بجانب لاعبين آخرين تأثر بهم زلاتان نتيجة مشاهدة والده اليومية لبطولاتهم، لذلك كان أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي ملهما للاعب سويدي يتحسس أحلام البطولة وطريق المجد.

كان زلاتان مهووسا بامتلاك الكرة ومراوغة اللاعبين الصغار، كان يعتقد نفسه أفضلهم، وكان يدفع ضريبة ذلك انتقادات آباء وأمهات الصغار الذين يلعبون معه، حينما يُنادي المدرب عليه بأن يُمرّر الكرة فيرفض الانصياع، ويصر على المراوغة والتسجيل بنفسه، كان زلاتان يظن نفسه فريقا كاملا.

“كان زلاتان يتمرن 8 ساعات يوميا، لم يفوت حصة تدريبية واحدة، وحينما كان يشعر أنه مُقصِّر، كان يلعب في أرض خرسانية بجوار منزله بعد العودة من النادي، لقد جاء من بيئة قاسية لذلك امتلك قوة الدفاع عن نفسه وعن الفريق الذي يلعب له”

غالستاد مدرب زلاتان في فريق الشباب بـ “مالمو”

جنون عظمة مُبكر

في غرفة ملابس فريق “مالمو” السويدي، بعد مباراة كان زلاتان الصغير بطلها، تشتعل حالة من الغليان في صفوف الفريق ضد إبرا، فيقول كابتن الفريق السويدي هاس ماتيسون صاحب الـ 30 ربيعا لزملائه في الفريق: “زلاتان بدأ يعتقد أنه فوق الفريق، وهو لم يكن النجم بعد، عندما يمتلك الكرة يتوهم أنه دييغو أرماندو مارادونا، وفي الحقيقة يمكننا القيام بذلك أيضا، لكننا لا نفعل”. وقتها كان كشافو أياكس الهولندي يراقبون زلاتان وهو يقود مالمو للتربع على عرش الدوري السويدي في موسم تاريخي لإبرا، بعدما سجّل 12 هدفا لفريقه وهو أصغر اللاعبين سنا، لكن لم يعتقد أحد ما في الفريق أن هذا الشاب المغرور سيكون محل ثقة العملاق الهولندي.

في حصة تدريبية، دخل أحد عناصر الفريق وفي يده جريدة عنوانها العريض تقدّم أياكس بعرض لفريق مالمو لشراء زلاتان ابراهيموفيتش مقابل 8.7 مليون يورو، هنا ظهرت الصدمة على القائد ماديسون الذي اضطر لمصافحة إبرا الصغير وتهنئته، لكن زلاتان بادله نظرة المنتصر قائلا: “ألم أقل لك إنني كنت بارعا”

الحُكم بعد دقائق

بعد 15 دقيقة فقط من مشاهدته في إحدى المباريات، قرّر الهولندي ليو بنهاكر المدير الرياضي لفريق أياكس التعاقد مع إبراهيموفيتش، وفي جلسة ما قبل التوقيع، قال بنهاكر إن هذه الدقائق كانت كافية للحكم على مستوى اللاعب الفني، لكن بعد الجلوس مع اللاعب خرج مطمئنا مسؤولي ناديه قائلا: “إذا امتلك فريق ما 11 لاعبا بعقلية هذا الولد الصغير فلا يمكن أن يُقهر أبدا”.

في أياكس لم تكن محطة زلاتان هي الأعظم في تاريخ اللاعب، فلعب 110 مباراة بقميص الفريق الهولندي وسجّل 48 هدفا وصنع 15 آخرين، لكنه قدّم ما يؤهله ليكون على رادار الفِرَق الكبرى في أوروبا، وكان يوفنتوس الإيطالي الأسرع للظفر باللاعب.

(أجمل أهداف زلاتان بقميص أياكس)

في قلعة السيدة العجوز، كانت مسيرة ابراهيموفيتش أقل نجاحا من تجربته مع أياكس، لكن ذلك لا يُمثِّل هاجسا صعبا يؤرق زلاتان الذي جاءت تجربته مع كرة القدم أشبه برحلة بين القمم والمنحدرات سرعان ما يتجاوزها كمتزلج يقوده الشغف لاستكشاف عوالم جديدة، فلعب مع اليوفي 29 مباراة فقط وسجّل خلالهم 26 هدفا قبل أن ينتقل إلى الغريم إنتر ميلان.

تحدٍّ مختلف

ورغم كل ما لاحق ابراهيموفيتش من اتهامات تخصّ التخلي عن يوفنتوس بعد فضيحة الكالتشيوبولي وهبوط السيدة العجوز للقسم الثاني على خلفية التلاعب في النتائج، فإن رايولا وكيل اللاعب السويدي خرج بعدها ليؤكد أن رحيل إبرا عن صفوف العملاق الإيطالي خُطِّط له قبل عام من الفضيحة، وأن زلاتان لم يكن يشعر بالرغبة في الاستمرار مع اليوفي.

ابراهيموفيتش

مع انتقال ابراهيموفيتش إلى النيراتزوري، وجد شكلا آخر من المنافسة تحت قيادة روبرتو مانشيني بوجود لاعبين أصحاب تاريخ كبير في خط الهجوم مثل هيرنان كريسبو، وأدريانو، وألفارو ريكوبا، وجوليو كروز، لكن إبرا صمد أمام تاريخ هؤلاء، وفرض نفسه عليهم، وكسر حاجز الـ 100 مباراة مع إنتر وسجل بقميصهم 66 هدفا.

كان مانشيني حريصا على استدعاء إبراهيموفيتش في كل تجربة يخوضها، كان يؤمن بهذا اللاعب على الجانب الفني والشخصي، ويراهن دائما على القوة الذاتية للاعبي كرة القدم

روبرتو مانشيني وصف إبرا بالشخص المختلف، فقال عنه:

“قد يكون مملا خارج الملعب ومرهقا بعض الشيء، يتحدث عن نفسه كثيرا، لكنه شخص يحب الفوز، ويقاتل من أجله، وقبل كل ذلك يتدرّب بشكل جيد جدا، زلاتان يعرف أنه الأفضل، وسيذكرك بذلك كثيرا كلما نسيت، لكن في المقابل هو الرجل المناسب إذا كنت تريد الفوز، ولاعب عظيم يُحدِث الفرق معنا دائما، ولم أجد مشكلة شخصية في التعامل معه”

كان مانشيني حريصا على استدعاء إبرا في كل تجربة يخوضها، كان يؤمن بهذا اللاعب على الجانب الفني والشخصي، ويراهن دائما على القوة الذاتية للاعبي كرة القدم، حتى إنه حينما تولى قيادة السيتي مطلع العقد الحالي رحب بانضمام إبرا للسيتيزنز.

أسدان في غابة واحدة

كان انتقال زلاتان إلى برشلونة حلما انتظره اللاعب، لكن حينما يتنافس أسدان على مَن يحكم، فلا بد أن يموت أحدهما، ميسي وإبرا كانا لاعبين عظيمين، لكن لو كان كلٌّ منهما في فريق، وحينما اجتمعا في فريق واحد غاب الدفء عن هذه العلاقة، وتحول الصدام من الخفاء إلى العلن حينما فرض ميسي على غوارديولا تغيير خطة اللعب من 4-3-3 إلى طريقة 4-4-2،وفيها تحوَّل ميسي من مركز الجناح إلى لاعب وسط، لكي يحدّ من حرية زلاتان في الحركة على أرض الميدان، ويكون لميسي وحده الكلمة العليا.

ابراهيموفيتش

شعر إبرا أن غوارديولا منح لميسي أفضلية كبيرة على حسابه، وأنه بات غير مرغوب فيه، ولأن زلاتان شخص مصاب بجنون العظمة، فلم يصمت أمام هذه الأرجحية لصالح ميسي، فغضب في وجه غوارديولا ورمى بعض أجهزة التدريب أمامه، ووصفه بأنه مدرب لا يُجيد التكتيك.هنا بدا أن برشلونة لم يَعُد المكان المناسب لإبرا، فبينما حاولت جميع الأندية الاستفادة من قدرات المهاجم السويدي وتطويع الإمكانيات لتناسبه، كان برشلونة في غنى عن هذه الخدمات والإمكانيات، فلعب إبرا 46 مباراة وسجّل 22 هدفا بقميص البلوغرانا، ذلك لأن برشلونة كان يرى في ميسي الرجل الأول والثاني والثالث والرابع، ومن ثم يأتي بعده مَن يأتي.

انطباع خبيث

لم يكن قدوم إبرا إلى إي سي ميلان مُرحَّبا به من جماهير النادي في إيطاليا، بعد سمعة خبيثة تركتها تجاربه الثلاثة في أكبر الأندية الأوروبية، حيث وُصف بالأنانية في يوفنتوس، وبالرجل الذي يغيب في المواعيد الكبرى مع إنتر ميلان، والمشاغب مع برشلونة، لكن في التوقيت نفسه كانت التجربة الجديدة مثار فضول للجميع، ماذا يمكن أن يُقدِّم إبرا مع الروسونيري؟

تغلّب ابراهيموفيتش في ميلان على أخطاء الماضي، غيّر من فلسفته الفردية ولعب الكرة الجماعية التي تتمتع وتُعرف بها الكرة الإيطالية، كان متشوقا لاستعادة بريقه الذي انطفأ في برشلونة، وحارب من أجل ذلك، وكانت بداية مثالية مع الفريق الإيطالي تحت قيادة ماورو تاسوتي.

لكن كأي تجربة يخوضها زلاتان ويريد أن يكون نجمها الأول، كان من الطبيعي أن يتغير تفكير اللاعب حينما تعاقد الروسينيري مع الإنجليزي ديفيد بيكهام، وقتها شعر زلاتان بالغيرة وغلبته مشاعر العظمة، كانت الجماهير تُعطي لبيكهام أهمية أكبر من زلاتان، مما جعل الأخير يدخل في صراعات نفسية لإثبات تفوقه على بيكهام.

المحطة الأنجح

بعد ميلان خاض ابراهيموفيتش تجربة جديدة في دوري أقل ومنافسة أقل، ورقميا كانت تجربة زلاتان مع باريس سان جيرمان الأنجح في مسيرة اللاعب، فقد لعب مع فريق العاصمة أكثر مما لعب مع أي فريق آخر (188 مباراة) وسجل بقميصه ضعف ما سجل بقميص أي فريق آخر (156 هدفا).

لم تفارق مشاعر العظمة إبراهيموفيتش حينما أراد وضع نهاية لمسيرته في باريس، فودّع جماهيره قائلا: “أتيت إلى هنا ملكا وسأرحل من هنا أسطورة”، لكنه كان يعلم أنها تجربته الأهدأ من بين محطاته الأوروبية، فقد كان عظيم القوم في كتيبة الباريسيين، وهكذا اعتبرته الجماهير أحد أبرز لاعبيه عبر تاريخ النادي. فقد قاد فريقه للفوز أربع مرات بالدوري المحلي، وتوّج كأفضل هداف ثلاث مرات منهم.

لم ينكر أحد أن انتقال ابراهيموفيتش إلى مانشستر يونايتد كانت بمنزلة الصدمة، ليس لأن إبرا يعيش أيامه الأخيرة مع كرة القدم فحسب، ولا لأن وضعية اليونايتد كانت لا تحتمل رفاهية التعاقد مع لاعب بهذا العمر، لكن لسبب آخر يكمن في شخصية مورينيو وإبراهيموفيتش، وقتها لاحت في الأفق صدامات لا نهائية للجماهير والمتابعين.

ابراهيموفيتش

لكن عكس كل التوقعات، اختار الثنائي الحل الآمن، ومرّت التجربة دون ضجيج أو صخب، لعب فيها زلاتان 53 مباراة، سجل خلالهم 29 هدفا، وصنع 10 أهداف، وتُوِّج خلال رحلته مع مانشستر يونايتد بـ 3 ألقاب هي كأس الرابطة الإنجليزية، والدوري الأوروبي، وكأس الدرع الخيرية.

وعن العلاقة مع مورينيو يقول زلاتان ابراهيموفيتش : “تعلمت منه الكثير، لن أبالغ لو قلت إنني تعلمت من مورينيو في ثلاثة أشهر أكثر مما تعلمت من فابيو كابيلو وروبرتو مانشيني في خمس سنوات، هو المدرب الأكثر اكتمالا الذي تلقيته على الإطلاق. ساعدني على التحسن كثيرا، ومنها كيفية التحدث مع الصحفيين”.

سأجعله يستحق

قياسا على معايير العمر وظروف أخرى كلغة المال واستعادة البريق واستجداء البطولة المطلقة، كان لا بد لإبرا أن يبحث عن فريق يُبجِّل ويحترم تاريخه ويوليه اهتماما يفوق جميع العناصر الأخرى، لذا يعتبر انتقال زلاتان إلى الدوري الأميركي الخطوة الأكثر منطقية، وكعادة إبرا فإنه يُضيف لكل تجربة أكثر مما تُضيف له التجربة، فقد استفاد الدوري الأميركي تسويقيا من وجود زلاتان في فريق لوس أنجلوس غالاكسي، وحينما تم التوقيع معه منحته الصحافة الأميركية اهتماما لا يقل عن اهتمام التعاقد مع لاعبي السلة باعتبارها اللعبة الأشهر والأعظم في أميركا.

خلال تقديمه سأله أحد الصحفيين إذا كان غالاكسي هو الفريق الذي يليق بزلاتان ابراهيموفيتش ، فأجابه إبرا بشيء من الغرور المعهود: “إن لم يكن كذلك فسأجعله كذلك”، وبالفعل لاقت الصفقة ضجيجا واسعا من وسائل الإعلام العالمية، واعتبروها أعظم ثاني صفقة في تاريخ النادي مع البرازيلي كاكا، الذي سبق إبرا باللعب لغالاكسي قبله بأربعة مواسم.

ابراهيموفيتش

ورغم اعتقاد البعض أن ابراهيموفيتش بات بطل من الماضي، وأن محطة الدوري الأميركي ستكون قبرا لهذا المجنون العظيم، والمغرور الحالم، فاجأ الأسطورة السويدية الجميع بالعودة إلى الميلان، عاد في قمة التوهج والمستوى الفني والبدني وهو في عامه التاسع والثلاثين ليقول أنا هنا لم أمت، ليسجل من جديد بقميص أحد أحب الأندية لقلبه، ويصبح اللاعب الوحيد في الدوريات الكبرى الذي سجّل أهدافا في 4 عقود زمنية (1999-2020).

ورغم ما أُحيط بزلاتان ابراهيموفيتش من لغط وهجوم ونقد، فإنه يبقى إحدى أساطير كرة القدم، وحينما تكون بهذا التحدي وتلعب في دوري صعب ومُعقد كالدوري الإيطالي فإن هذا يُلزمنا برفع القبعة، كما أن ترك بصمات فنية في محطات مثل مالمو السويدي، أياكس أمستردام الهولندي، يوفنتوس الإيطالي، إنتر ميلان الإيطالي، برشلونة الإسباني، ميلان الإيطالي، باريس سان جيرمان الفرنسي، مانشستر يونايتد الإنجليزي، غالاكسي الأميركي، وأخيرا العودة للميلان، فإن الأمر يحتم علينا إسالة الكثير من الحبر.

ويبدو أن وقت التوقف لم يأتِ بعد، ولم يلح في الأفق حتى، فزلاتان ابراهيموفيتش بهذا المنطق، وهو يقترب من مباراته الـ 800 مع مختلف الأندية، يبدو عازما على الوصول إلى حاجز الألف مباراة، والانضمام لأساطير مثل بيتر شيلتون، وروبرتو كارلوس، وخافيير زانيتي، وراؤول غونزاليس، وباولو مالديني، وريان جيجز، وتشافي هيرنانديز، وبوفون، فأهلا بك في قائمة العظماء.