معالم ودول
آخر تحديث بتاريخ: 3 سنوات

بيوت الشعر العربي

رمت الفؤاد مليحة عذراء

قصيدة للشاعر عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد العبسي (525 م – 608 م) وهو أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام، اشتهر بشعر الفروسية، وله معلقة مشهورة، وهو أشهر فرسان العرب وأشعرهم وشاعر المعلقات والمعروف بشعره الجميل وغزله العفيف بعبلة، ومن قصائده:

رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ

بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ
مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ

مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ
فاغتالني سقمِى الَّذي في باطني

أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ
خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حركت

أعْطَافَه ُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ
ورنتْ فقلتُ غزالة ٌ مذعورة ٌ

قدْ راعهَا وسطَ الفلاة ِ بلاءُ
وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَة َ تِمِّهِ

قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ
بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها

فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ
سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ

لجلالهِا أربابنا العظماءُ
يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ

عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ
إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني

في هَّمتي لصروفهِ أرزاءُ

 

أذل الحرص والطمع الرقابا

قصيدة للشاعر أبو إسحاق الشهير بأبي العتاهية، شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، كان ينظم المئة والمئة والخمسين بيتاً في اليوم، حتّى لم يكن للإحاطة بجميع شعره من سبيل، وهو يُعدّ من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما، جمع الإمام يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي ما وجد من زهدياته وشعره في الحكمة والعظة، ومن أشعاره هذه القصيدة:

أذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابَا

وقَد يَعفو الكَريمُ، إذا استَرَابَا
إذا اتَّضَحَ الصَّوابُ فلا تَدْعُهُ

فإنّكَ قلّما ذُقتَ الصّوابَا
وَجَدْتَ لَهُ على اللّهَواتِ بَرْداً،

كَبَرْدِ الماءِ حِينَ صَفَا وطَابَا
ولَيسَ بحاكِمٍ مَنْ لا يُبَالي،

أأخْطأَ فِي الحُكومَة ِ أمْ أصَابَا
وإن لكل تلخيص لوجها،

وإن لكل مسألة جوابا
وإنّ لكُلّ حادِثَة ٍ لوَقْتاً؛

وإنّ لكُلّ ذي عَمَلٍ حِسَابَا
وإنّ لكُلّ مُطّلَعٍ لَحَدّاً،

وإنّ لكُلّ ذي أجَلٍ كِتابَا
وكل سَلامَة ٍ تَعِدُ المَنَايَا؛

وكلُّ عِمارَة ٍ تَعِدُ الخَرابَا
وكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصِيرُ يَوْماً،

وما مَلَكَتْ يَداهُ مَعاً تُرابَا
أبَتْ طَرَفاتُ كُلّ قَريرِ عَينٍ

بِهَا إلاَّ اضطِراباً وانقِلاَبا
كأنَّ محَاسِنَ الدُّنيا سَرَابٌ

وأيُّ يَدٍ تَناوَلَتِ السّرابَا
وإنْ يكُ منيَة ٌ عجِلَتْ بشيءٍ

تُسَرُّ بهِ فإنَّ لَهَا ذَهَابَا
فَيا عَجَبَا تَموتُ، وأنتَ تَبني،

وتتَّخِذُ المصَانِعَ والقِبَابَا
أرَاكَ وكُلَّما فَتَّحْتَ بَاباً

مِنَ الدُّنيَا فَتَّحَتَ عليْكَ نَابَا
ألَمْ ترَ أنَّ غُدوَة َ كُلِّ يومٍ

تزِيدُكَ مِنْ منيَّتكَ اقترابَا
وحُقَّ لموقِنٍ بالموْتِ أنْ لاَ

يُسَوّغَهُ الطّعامَ، ولا الشّرَابَا
يدبِّرُ مَا تَرَى مَلْكٌ عَزِيزٌ

بِهِ شَهِدَتْ حَوَادِثُهُ رِغَابَا
ألَيسَ اللّهُ في كُلٍّ قَريباً

بلى من حَيثُ ما نُودي أجابَا
ولَمْ تَرَ سائلاً للهِ أكْدَى

ولمْ تَرَ رَاجياً للهِ خَابَا
رأَيْتَ الرُّوحَ جَدْبَ العَيْشِ لمَّا

عرَفتَ العيشَ مخضاً، واحتِلابَا
ولَسْتَ بغالِبِ الشَّهَواتِ حَتَّى

تَعِدُّ لَهُنَّ صَبْراً واحْتِسَابَا
فَكُلُّ مُصِيبة ٍ عَظُمَتْ وجَلَّت

تَخِفُّ إِذَا رَجَوْتَ لَهَا ثَوَابَا
كَبِرْنَا أيُّهَا الأتَرابُ حَتَّى

كأنّا لم نكُنْ حِيناً شَبَابَا
وكُنَّا كالغُصُونِ إِذَا تَثَنَّتْ

مِنَ الرّيحانِ مُونِعَة ً رِطَابَا
إلى كَمْ طُولُ صَبْوَتِنا بدارٍ،

رَأَيْتَ لَهَا اغْتِصَاباً واسْتِلاَبَا
ألا ما للكُهُولِ وللتّصابي،

إذَا مَا اغْتَرَّ مُكْتَهِلٌ تَصَابَى
فزِعْتُ إلى خِضَابِ الشَّيْبِ منِّي

وإنّ نُصُولَهُ فَضَحَ الخِضَابَا
مَضَى عنِّي الشَّبَابُ بِغَيرِ رَدٍّ

فعنْدَ اللهِ احْتَسِبُ الشَّبَابَا
وما مِنْ غايَة ٍ إلاّ المَنَايَا،

لِمَنْ خَلِقَتْ شَبيبَتُهُ وشَابَا

 

عاشق من فلسطين

الشاعر محمود درويش (13 مارس 1941 – 9 أغسطس 2008)، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى، ومن أجمل قصائده الثورية التي يعبر فيها عن حبه لبلده فلسطين:

عيونك شوكة في القلب

توجعني وأعبدها

وأحميها من الريح

وأغمدها وراء الليل والأوجاع أغمدها

فيشعل جرحها ضوء المصابيح

ويجعل حاضري غدها

أعزّ عليّ من روحي

وأنسى بعد حين في لقاء العين بالعين

بأنّا مرة كنّا وراء الباب إثنين

كلامك كان أغنية

و كنت أحاول الإنشاد

و لكن الشقاء أحاط بالشفقة الربيعيّة

كلامك كالسنونو طار من بيتي

فهاجر باب منزلنا وعتبتنا الخريفيّة

وراءك، حيث شاء الشوق

وانكسرت مرايانا

فصار الحزن ألفين

ولملمنا شظايا الصوت

لم نتقن سوى مرثية الوطن

سننزعها معا في صدر جيتار

وفق سطوح نكبتنا، سنعزفها

لأقمار مشوهّة و أحجار

و لكنيّ نسيت نسيت يا مجهولة الصوت

رحيلك أصدأ الجيتار أم صمتي

رأيتك أمس في الميناء

مسافرة بلا أهل بلا زاد

ركضت إليك كالأيتام

أسأل حكمة الأجداد

لماذا تسحب البيّارة الخضراء

إلى سجن إلى منفى إلى ميناء

وتبقى رغم رحلتها

ورغم روائح الأملاح والأشواق

تبقى دائما خضراء

وأكتب في مفكرتي

أحبّ البرتقال و أكره الميناء

وأردف في مفكرتي

على الميناء

وقفت وكانت الدنيا عيون الشتاء

وقشرةالبرتقال لنا و خلفي كانت الصحراء

رأيتك في جبال الشوك

راعية بلا أغنام

مطاردة و في الأطلال

وكنت حديقتي وأنا غريب الدّار

أدقّ الباب يا قلبي

على قلبي

يقوم الباب والشبّاك والإسمنت و الأحجار

رأيتك في خوابي الماء والقمح

محطّمة رأيتك في مقاهي الليل خادمة

رأيتك في شعاع الدمع و الجرح

وأنت الرئة الأخرى بصدري

أنت أنت الصوت في شفتي

وأنت الماء أنت النار

رأيتك عند باب الكهف عند الدار

معلّقة على حبل الغسيل ثياب أيتامك

رأيتك في المواقد في الشوارع

في الزرائب في دم الشمس

رأيتك في أغاني اليتم و البؤس

رأيتك ملء ملح البحر والرمل

وكنت جميلة كالأرض كالأطفال كالفلّ

وأقسم

من رموش العين سوف أخيط منديلا

وأنقش فوقه لعينيك

وإسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا

يمدّ عرائش الأيك

سأكتب جملة أغلى من الشهداء والقبّل

فلسطينية كانت ولم تزل

فتحت الباب و الشباك في ليل الأعاصير

على قمر تصلّب في ليالينا

وقلت لليلتي: دوري

وراء الليل والسور

فلي وعد مع الكلمات والنور

وأنت حديقتي العذراء

ما دامت أغانينا

سيوفا حين نشرعها

وأنت وفية كالقمح

ما دامت أغانينا

سمادا حين نزرعها

وأنت كنخلة في البال

ما انكسرت لعاصفة وحطّاب

وما جزّت ضفائرها

وحوش البيد والغاب

ولكني أنا المنفيّ خلف السور والباب

خذني تحت عينيك

خذيني أينما كنت

خذيني كيفما كنت

أردّ إلي لون الوجه والبدن

وضوء القلب والعين

وملح الخبز واللحن

وطعم الأرض والوطن

خذيني تحت عينيك

خذيني لوحة زيتّية في كوخ حسرات

خذيني آية من سفر مأساتي

خذيني لعبة حجرا من البيت

ليذكر جيلنا الآتي

مساربه إلى البيت

فلسطينية العينين والوشم

فلسطينية الإسم

فلسطينية الأحلام والهم

فلسطينية المنديل والقدمين والجسم

فلسطينية الكلمات والصمت

فلسطينية الصوت

فلسطينية الميلاد والموت

حملتك في دفاتري القديمة

نار أشعاري

حملتك زاد أسفاري

وباسمك صحت في الوديان

خيول الروم أعرفها

وإن يتبدل الميدان

خذوا حذّرا

من البرق الذي صكّته أغنيتي على الصوّان

أنا زين الشباب وفارس الفرسان

أنا ومحطّم الأوثان

حدود الشام أزرعها

قصائد تطلق العقبان

و باسمك، صحت بالأعداء

كلى لحمي إذا ما نمت يا ديدان

فبيض النمل لا يلد النسور

و بيضة الأفعى ..

يخبىء قشرها ثعبان!

خيول الروم.. أعرفها

و أعرف قبلها أني

أنا زين الشباب و فارس الفرسان