شخصيات
آخر تحديث بتاريخ: 3 سنوات

خالد بن الوليد (سيف الله المسلول)

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي (30 ق.هـ – 21 هـ / 592 – 642 م) صحابي وقائد عسكري مسلم، لقّبه الرسول بسيف الله المسلول. اشتهر بحسن تخطيطه العسكري وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر وعمر في غضون عدة سنوات من عام 632 حتى عام 636.

يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من الإمبراطورية الرومية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم، بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى. اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأُلّيس والفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك.قبل إسلامه،

لعب خالد بن الوليد دورًا حيويًا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق. ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، شارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة. وفي عام 638، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش لأنه خاف أن يفتتن الناس به ، فصار خالد بن الوليد في جيش الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح وأحد مقدميه ، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها.

نشأة خالد بن الوليد (سيف الله المسلول)

وفقًا لعادة أشراف قريش، أرسل خالد إلى الصحراء، ليربّى على يدي مرضعة ويشب صحيحًا في جو الصحراء. وقد عاد لوالديه وهو في سن الخامسة أو السادسة. مرض خالد خلال طفولته مرضًا خفيفًا بالجدري، لكنه ترك بعض الندبات على خده الأيسر. وتعلم خالد الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كان خالد صاحب قوة مفرطة كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ. واستطاع “خالد” أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله من أفضل فرسان عصره.

خالد بن الوليد قبل الإسلام

لم يخص خالد معركة بدر ضد المسلمين ، لكنه خاض معركة أحد ، وتولى قيادة مهيمنة جيش قريش، لعب خالد دورا هاما في تحويل المعركة لصالح القريشيين ، وذلك بأن استغل خطأ الرماة المسلمين حين تركوا المعركة وهبوا لحصد المغانم، فالتفت خالد بجيشه حول جبل الرماة ، وحاضر جيش المسلمين فتحول نصرهم لهزيمة  فانتصرت قريش، شارك ابن الوليد في غزوة الخندق ضد المسلمين، كذا شارك في صفوف قريش ضد المسلمين في غزوة الحديبية.

إسلام خالد بن الوليد (سيف الله المسلول)

فأرسل الرسول صلوات الله عليه وسلم إلى الوليد ابن أخو خالد وكان قد أعلن إسلامه في أعقاب غزوة بدر أرسل إليه يسأله عن خالد ويطلب منه دعوته للإسلام، ففعل وأرسل إلى أخيه رسالة يدعوه فيها للدخول في الإسلام، فوافق ذلك هوا فى نفس خالد، فدعا بعض أصحابه لصحبته إلى يثرب، فاستجاب عثمان بن طلحة العبدري.
وفي طريقهما قابلا عمرة ابن العاص في طريقه لإعلان إسلامه بين يد النبي، الذي استقبل ثلاثتهم بفرح قائلا ” ان مكة ألقت إلينا فلذات اكبادها ” .كان ذلك في العام السابع من الهجرة.

سيف الله المسلول

  • في العام الثامن من الهجرة وجه الرسول عليه الصلاة والسلام جيشا لقتال الغساسنة، ذلك أن شرحبيل بن عمرو الغساني عامل قيصر الروم قام باعتراض طريق البلقاء الحارث بن عمير رسول رسول الله إلى بصرى وقام بقتله.
    جهز الرسول جيشا من ثلاثة آلاف مقاتل أولى قيادته لزيد بن حارثة، على أن يخلفه جاف بن أبي طالب ان قُتل، ثم عبد الله بن رواحة إن قتل جعفر، وإن قُتل الثلاثة يختار المسلمين واحدا بينهم للقيادة، انضم خالد إلى ذلك الجيش، وقد كان حديث العهد بالإسلام.
  • تحرك الجيش حتى وصل إلى مؤتة، فتفاجأ المسلمين بتفوق جيش العدو والذي تكون من مائتين جندي، نصفهم من الغساسنة ووصفهم الآخر من الروم.. تشاور المسلمين أمام هذا الموقف الصعب، ثم عقدوا العزم على القتال .
    قتل القادة الثلاث على التوالي ، فاختار المسلمين فيما بينهم خالدا قائدا لهم، احدث خالد تعديلا تكتيكيا في صفوف الجيش لخداع العدو. بنقل الميسرة إلى الميمنة والعكس .
  • وقدم المؤخرة إلى المقدمة والعكس، وأمر طائفة بإثارة الغبار خلف الجيش، تقابل الجيشان مرة أخرى تفاجأ الغساسنة بتغير الوجوه فظنوا أن المدد قد وصل لجيش المسلمين خاصة بعد إحداث تلك الجلبة، أمر بالإنسحاب وبذلك استطاع أن يحافظ خالد بن الوليد على الجيش.
  • فضلا عن إنقاذه للجيش، كان خالد ابن الوليد قد ابلي بلاءا حسنا في غزوة مؤتة، فكسرت في يده تسع سيوف، وعندما عاد خالد بجيشه إلى المدينة ( يثرب) أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلبه بسيف الله المسلول.

خالد بن الوليد في عهد الخلفاء أبو بكر وعمر

حرب الردة

  • بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، انقسمت القبائل العربية عدا أهل مكة والطائف فرفضوا حكم أبو بكر، وقد انقسمت تلك القبائل في اسباب خروجهم عن طاعة أبي بكر .
    فمنهم من ارتد عن الإسلام ، ومنهم من بقى على الإسلام لكن امتنع عن أداء الجزية، ومنهم من اتبع مدعي النبوة في الجزيرة العربية.
  • قسم أبي بكر جيش المسلمين إلى أحد عشر لواء، قام الخليفة أبو بكر الصديق بتكليف خالد بن الوليد بقيادة أحد تلك الألوية، فكان له دور كبير في تلك الحرب الطاحنة التي راح ضحيتها كثير من الصحابة وحفظة القرآن.

 فتح العراق

تولى خالد بن الوليد قيادة الجيش الذي كلفه بقيادته الخليفة الصديق عليه السلام، قماش معارك طاحنة ضد الفرس حتى استطاع في النهاية الانتصار على الفرس وفتح أجزاء كثيرة من العراق والحيرة.
ثم في النهاية واجه الرومان في شمال العراق على ضفاف نهر الفرات، لينتصر بعد معارك ضارية، محققا النصروفتح العراق في النهاية.

 فتح الشام

قام خالد بن الوليد بالمشاركة في فتح الشام التي استمرت الرومان في الدفاع عنها، لكن المسلمين استبسلوا في القتال
وقد أظهر خالد بن الوليد قدرات قتالية وتخطيطية مبتكرة في قيادة الجيش فانتصروا في معركة اليرموك التي كانت فاتحة لانتصارات أخرى .
في تلك الأثناء وصلت الأخبار عن وفاة الخليفة أبي بكر الصديق، وتولى عمر بن الخطاب الخلافة من بعده.

خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب

كانت لعمر بن الخطاب تحفظات عديدة على خالد بن الوليد، وكثيرا ما اغضبته مواقف أخالد في مسيرته العسكرية
فلما تولى عمر الخلافة، أرسل برسالة إلى أبى عبيدة يوليه إمارة الجيش ويأمر بعزل خالد بن الوليد وإن بقى تحت إمرة أبي عبيدة قائدا، استمرت فتوحات المسلمين في الشام وقد أظهر بن الوليد مهارة عالية وبسالة فائقة حتى تم فتح الشام وفلسطين ودخل المسلمون المسجد الأقصى.

عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد

  • كان لبطولات خالد في الشام أكبر الأثر في نفوس الناس، فبهروا به وتحدثوا عن بطولاته، فتغنى به الشعراء، فأجزل لهم خالد العطاء، ومنهم الشاعر الأشعث بن قيس الذي منحه خالد عشرة آلاف درهماً جزاءاً لما قال فيه.
  • فلما بلغ الخليفة عمر ما فعله خالد مع الأشعث، كتب إلى أبي عبيدة يطالبه بأن يأتيه مقيداً في عمامته ليعلم منه هل أعطى الأشعث من ماله أم من مال المسلمين فإن كان من مال المسلمين فقد خان الأمانة، وأن كان من ماله فقد أسرف وفي الحالتين فقد أخطأ خالد ويعزل من جيشه.
  • إحتار أبي عبيدة فيما يجب أن يفعل، فجمع الناس ووكل تلك المهمة إلى بلال بن رباح، فلما جاءهم خالد، سأله بلال عن مصدر المال الذي أعطاه للشاعر، فأجاب أنه من ماله الخاص، وبهذا يكون قد برأ ذمته من خيانة الأمانة، لكن أبي عبيدة فاجأ خالد بقرار الخليفة بعزله وأمره بالتوجه للمدينة.
  • فتوجه خالد إلى المدينة معترضاً على ما اعتبره قراراً ظالماً في حقه، لكن الخليفة طيب خاطره وأخبره أنه قد خشي فتنة الناس به، ولما كثر اللغط بين الناس عن سبب العزل، خطبهم الخليفة عمر رضي الله عنه أنه لم يعزل ابن الوليد بسخط أو خيانة، إنما عزله لئلا يفتن الناس به، وليذكرهم إنما الفعل بيد الله لا المرء.
    نزل خالد بن الوليد علي ما أمر به الفاروق عمر، فكان ذلك العزل نهاية لمسيرة عسكرية كللت بالنجاح.

وفاة خالد بن الوليد

توفي خالد ابن الوليد في عام 21هجريا ( 642م)، اختلفت الروايات حول مكان الوفاة بين من قال أنه مات بالمدينة وإن عمر بن الخطاب قد شهد جنازته، وبين القائل بوفاته في الشام حيث يوجد مسجد كبير باسمه في حمص يظن أن به قبره.

روى عن خالد أنه وهو في فراش الموت قد قال : 

” لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء”

حزم المسلمين على موت خالد أشد الحزن، وكان اشدهم حزناً الفاروق عمر عليه السلام، وقد مر عمر بنشوة من بني مخزوم يبكون خالد بحرقة، فسأله الصحابة ألا تنهيهم ، فقال لهم عمر ما معناه أنه على مثل خالد تبكي البواكي، وهكذا مات خالد بن الوليد حافراً اسمه في عالم الفروسية والقيادة بحروف من نور.