وفي يوم احتفالهم بأصنامهم المزعومة بانها الالهة، خرج الملكُ مع حاشيته وهم يتذاكرون امر هؤلاء الصبية، فقال احدهم : شكراً للملك الذي انهى عليهم، لقد كانوا على وشك تخريب عقولنا واقناعنا بان للكون الهاً واحداً وان آلهتنا وآلهة آبائنا لا تنفع ولا تضر، وهم يزعمون ان للكون الهاً واحداً.
وفي جبلٍ قريبٍ من تلك القرية، اتفق ثلاث رجالٍ على ان يذهبوا الى تلك القرية لدعوة الملك وباقي القرية الى عبادة الله وحده، فمن الواجب عليهم ذالك، وكانو في حيرةٍ هل يبدأون بالملك ام لا.
وأثناء هذا الحديث إذ برجل يخرج عليهم بعد ان سمع كلامهم، ويظهرُ عليه المرضُ الشديد وكان طويل القامة غائر العين شاحب الوجه، واخبروه من انت، فقال انه يعيشُ في هذا الغار ما يزيدُ عن الخمس سنوات، فأخبرهم بقصّته وانه رجل من اصل خمسة كانوا يدعون اهل القرية الى عبادة الله وحده لكنهم قتلوا وساعده اخيه ليصلُ الى هذا الغار.
اقترح احدهم ان يبقى هو مع الرجل على ان يذهب البقيةُ الى القرية مُتخفّين وان يذهبوا الى اخيه ويخبروه، فلما قابلوا اخيه، اخبروه بانهم وجدوا اخيه المسكين في الكهف وانه سيأويهم في بيته على انهم طبيبان، فغضب الفتى وثار وتواعدهم بان يخبر الملك عنهم، فقالوا له نحن نعلم ايمانك وقد اخبرنا اخيك بانك من انقذت حياته، وبالفعل قام بإيوائهم، وانتشر بين الناس على انهما طبيبان فأحبّهم اهلُ القرية، وقاموا بعمل صدقات كثيرةٍ جداً بينهم.
ولكن لاحظ الناسُ أنّهم لا يعبدون الاصنام، فانتشر الخبرُ حتى وصل للملك وحاشيته، فقال بعضُ الحاضرين، لكن هؤلاء خير من الشباب الذين قتلناهم وهو يسبون آلهتنا، والذين كانوا يعبدون إلهاً آخر.
كما ان هذين الشابين هم افضل ممن قتلوا، فهم كانو يشتمون ويسبون آلهتنا وهذين لا يفعلان ذالك حتى وان كانو لا يعبدون آلهتنا، ومع الوقت بدأ الشباب يتكلمون عن صفات الله وان الجميع سيعود اليه وانه هو الذي يشفي المريض، وحينها وصل الخبرُ الى الملك، فأمر بسجنهم على الفور.
واصبح صديقهم الثالث نبي، ودخل القرية على انه طالبُ علم، وبدأ بدعوة الناس لعبادة الله وترك ما يعبد الاباء والاجداد، وذهب الملك وحاشيته وطلب منهم ان يخرجوا الرجلين الحبيسين.
طلب منه الملك ان يسترجع البصر لكفيف، فردّ الرجل البصر الى الكفيف بعد ان دعا الله، كما امر الملك.
وفي تلك اللحظة طلب الملك من الشباب ان يُعيدو فتىً قد مات الى الحياة، فقال الشابُ الداعي للملك اتقي الله.
فأمر الملك جنوده بقتله هو والثلاثة الاخرين، وهنا جاء رجل من اقصى المدينة يقول ياقوم اتبعوا هؤلاء المرسلين، انهم لا يريدون منكم مالاً ولا جاه، وكان الرجل مقنّع، فقال انما انا رجل منكم قد ترك عبادة الاوثان وعبد الحق الذي لا يموت.
وحينما ازال الرجل قناعهُ وتعرفو على وجهه وانه واحد من الخمسة والذي فرّ منهم، قاموا عليه حتى قتلوه، وحينما ارادوا التمثيل بجثة الرجل الصالح بعد قتله، إذ تأخذهم صيحة عالية فيها ملائكة العذاب قد أتوا لقوم كفروا بالله وقتلوا رسلهن فأُبيدوا عن بكرة أبيهم.
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)