شخصيات
آخر تحديث بتاريخ: 3 سنوات

قارون

قارون هو واحد من بني إسرائيل، ورد ذكره في القرآن الكريم، وارتبط في الموروث الشعبي بالغنى والثروة، قال تعالى في كتابه الحكيم: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) وهذه الآية الكريمة وضحت مقدار الثروة التي آتاها الله تعالى لهذا المتجبر المتكبر المسمى قارون، فقد كانت مفاتح الخزنات التي حشرت فيها ثروته ثقيلة إلى درجة لا يستطيع رجال حملها في إشارة قرآنية بتصوير بالغ الجمال والروعة والدقة عن مقدار الكنوز التي امتلكها خلال حياته.

عاش قارون بين بني إسرائيل في مصر، وقد أرسل الله تعالى نبيه ورسوله الكليم موسى -عليه السلام- إلى فرعون وهامان وقارون كما تشير الآيات القرآنية في موضع آخر، وبما أن القصص القرآني لم تذكر في الكتاب الأقدس لغرض تسلية القارئ، فإن لذكر قصة قارون مغزىً عظيماً، ودليل على أن قصة قارون هي قصة الإنسان في كل زمان ومكان، كما هي قصة فرعون الطاغية المتجبر الذي يتكرر أيضاً في كافة الأمكنة والأزمنة.

بعد أن رزق الله تعالى قارون كل هذا الرزق العميم، والخير الوفير، حبسه هذا المتكبر عن الفقراء والمحتاجين، وبدأ يستخدمه للتكبر على الناس وعلى خلق الله تعالى، وقد جحد قارون نعمة الله تعالى، وكان أبعد ما يكون عن صفات العبد الشكور العابد، فقد وصلت به الوقاحة إلى أن ينسب الفضل في الحصول على هذا المقدار الكبير من الثروة إلى نفسه، وعلمه.

كان الحكماء من بني إسرائيل والعباد ينصحون قارون باستمرار بالتوبة إلى الله تعالى والاستغفار، والإنفاق على الفقراء والمحتاجين، والبعد عن التكبر، والتجبر، والزيف الذي كان يعيش فيه، لكنه أبى أن يستمع إليهم ورفض، وما زادته نصائحهم له إلا تكبراً وتجبراً.

موت قارون

وبعد فترة من الطغيان، والبغي، والسعي في الفساد والإفساد، خرج على قومه بأبهى حلة، وبكامل زينته، فانخلعت قلوب البعض من أمكانها، واشتهوا ولو جزءاً قليلاً مما لدى قارون، وكان للحكماء والعباد من قوم موسى دور في ذلك أيضاً فحاولوا إيقاظ الناس من الوهم الذي يعيشون فيه، وحاولوا درء الفتنة عنهم أيضاً.

وفي خضم هذا التجبر من قارون على عباد الله تعالى، جاء عقاب الله تعالى به، فخسف الأرض به، وبثروته، وبداره، وفي لمحة بصر اختفى كل شيء، وصار قارون عبرة لكل إنسان آتاه الله تعالى شيئاً وتكبر على عباد الله تعالى ومخلوقاته، قال تعالى: (وخسفنا به وبداره الأرض).