شخصيات
آخر تحديث بتاريخ: 3 سنوات

هوميروس الأعمى شاعر الألياذة و الأوديسا

هوميروس Homer شاعرٌ ملحمي إغريقي أسطوري يُعتقد أنه مؤلف الملحمتين الإغريقيتين الألياذة و الأوديسا هوميروس أحد أعمدة الثقافة الإغريقية القديمة، بل احد أعمدة التراث الإنساني , فقد خلف إرثاً إبداعياً يشهد له الجميع على مر العصور، وسطر أسمه بحروف من ذهب كرمز شعري في ملحمتين هامتين في تاريخ الأدب العالمي.. الألياذة و الأوديسا , حتى استكثر عليه الجميع ان يكون كل هذا الإبداع خرج من عقل رجل واحد , فقالوا انه شخصية خيالية والأشعار لعدد ضخم من الشعراء. تضاربت الروايات حول نشأته وعن حقيقة وجوده من عدمها مما ترك الباب مفتوحاً للأقاويل والتأويلات المختلفة حول الفترة التي ظهر فيها هذا الشاعر الإغريقي العظيم , كذلك اختلف المؤرخين حول مولد الشاعر ونشأته إذ رأى بعضهم أنه عاش في فترة 850 قبل الميلاد.
هوميروس الألياذة الأوديسا
ويقر بعضهم الأخر بمعاصرته لحرب طروادة والتي أنشد فيها شعراً ليكون نتاج ذلك الملحمة الأعظم في التاريخ الإغريقي , ملحمة الألياذة , وتبعها بملحمة الأوديسا التي كانت عبارة عن رحلة العودة الأسطورية للبطل أوديسيوس إلى بلاده بعد حرب طروادة .أما فيما يخص اسمه الحقيقي فيقال أنه ملسيغنس وأن أبوه هو مايون وفي رواية ثانية أبوه كان يسمى فيميوس أما أمه فكانت أيوليه النسب، وهوميروس هو لقب للشاعر العظيم وتعني بالغة الإغريقية القديمة ” الأعمى ” . لم تكن المرحلة الكلاسيكية التي نشأ فيها خالية من الغموض والجدل بين أوساط النقاد والمؤرخين مما دفع البعض بالتشكيك بوجوده اصلاً، والقول بأن هذه الشخصية خرافية لا أساس لها سوى في الأساطير.وذهب البعض أيضاً للقول أنه عاش في القرن التاسع قبل الميلاد، والتي أطلق عليها اسم المرحلة الهيرومية ، لم تغب المرأة عن شعره الشفوي الذي كان ينشده في الكثير من رحلاته إلى مصر وايطاليا والعديد من الجزر الأخرى، بل ترك لها الحيز المناسب في قصائده وخاصة الملحمتين الأكثر شهرة والتي روى فيهما نزاعات الذات البشرية وصراعها بين الحب والحرب وبين الإنسان والخلود .و من أشهر أقواله المأثورة :
أخر ما يموت في الرجل قلبه وفي المرأة لسانها !
إذا اتخذت امرأة فكن لها أباً وأماً و أخاً لأن التي تترك أباها وأمها وأخوتها وتتبعك , من الحق أن ترى فيك رأفة الأب وحنو الأم ورفق الأخ !
كما أنه نسب إليه بعض القصائد عن حرب طروادة مثل الألياذة الصغيرة والقصائد الطيبية عن اوديب والملحمة الكوميدية المصغرة، بالإضافة إلى أعمال أخرى وكان يًعرف عن هوميروس حفظه للشعر وإنشاده في بلاط الأمراء بوصفه رئيساً للمنشدين.يقال أيضاً أنه تنقل بين عدد من القري ليطلع على ثقافة الأخرين وعاداتهم وتقاليدهم فكون مخزوناً ثقافياً هائلاً إستخدمه فى شعره ويقال أنه عاش عمراً مديداً وأنه فقد بصره فى أواخر حياته ومات بجزيرة تدعى أليوس والآن لنبحر معاً في رحلة قصيرة في عوالم هوميروس الساحرة مع الألياذة والأوديسا .

حياة هوميروس

بشكلٍ عام، آمن الإغريق القدامى بأن هوميروس كان شخصية تاريخية، لكن الباحثين المحدثين يُشككون في هذا، ذلك أنه لا توجد ترجمات موثوقة لسيرته باقية من الحقبة الكلاسيكية، كما أن الملاحم المأثورة عنه تمثل تراكماً لقرونٍ عديدة من الحكي الشفاهي وعرضاً شعرياً محكماً. ويرى مارتن وست أن هوميروس ليس اسماً لشاعرٍ تاريخي، بل اسماً مستعاراً.رغم أن “هوميروس” اسم إغريقي معروف في المناطق الناطقة بالأيولية، فلا يُعرف شيء مؤكد بشأنه، ومع ذلك، فقد نشأت تقاليد غنية وُحفظت مُعطية تفاصيل معينة عن مكان ميلاده وخلفيته.وكثير من هذه الروايات خيالية: يجعل الهجّاء لوشيان في عمله التاريخ الحقيقي منه بابلياً يُدعى تغرانِس، يُسمى نفسه هوميروس عندما يأخذه الإغريق رهينة (هوميروس).، كما روي أن الإمبراطور هارديان سأل معبد دلفي عن هوميروس، فأتاه الجواب بأنه كان من إيثاكا، وأبواه إبيكاسته وتليماخوس من الأوديسا.جُمعت هذه الحكايات ورُتبت في عددٍ من “حيوات هوميروس” جُمعت ابتداء من الحقبة الإسكندرية. أكثر هذه الروايات ذيوعاً يرى أن هوميروس وُلد في إيونيا الواقعة في آسيا الصغرى، قرب سميرنا أو جزيرة خيوس، ومات في كيكلادس.
هوميروس الألياذة الأوديسا
وتظهر إشارة إلى سميرنا في الأسطورة التي تقول إن اسمه الأصلي “ميليسجنس” (مولود من نهر ميليس الذي يجري قرب المدينة)، وأنه ابن الحورية كريثيس. وتدل القصائد على هذه الصلة، فهوميروس كان يألف طبوغرافية آسيا الصغرى بشكلٍ يظهر في معرفته بالتضاريس وأسماء الأماكن بالتفاصيل، وفي تشبيهاته التي تأتي من المشاهد المحلية، حين يُصور في الألياذة السهول المحيطة بنهر كايستر، وعواصف البحر الإيكاري.كما في وصفه لمزج النساء العاج باللون القرمزي في ميونيا وكاريا. يعود الارتباط بخيوس إلى سيمونايدس الأمورغي الذي اقتبس سطراً شهيراً من الألياذة على أنه من نظم “رجل خيوسي”. وتظهر نقابة شعرية من نوعٍ ما تحمل اسم الهوميروسيين أو “أبناء هوميروس” في الجزيرة. يظهر أن الجماعة وجدت هُناك مقتفية أثر سلفٍ أسطوري, أو مجتمعة لتتخصص في إلقاء الشعر الهوميروسي.

الأعمال المنسوبة إلى هوميروس

كلمة “هوميروس” كانت تعني للإغريق في القرن السادس وبداية القرن الخامس “كل التقليد البطولي المتجسد في النظم على الوزن السداس عشري”.ولذلك، توجد ملاحم “استثنائية” أخرى بجوار الألياذة والأوديسا تقدم ثيماتها بشكلٍ أكبر من الحياة. كما نُسبت أعمالٌ أخرى كثيرة إلى هوميروس خلال الحقبة الكلاسيكية من ضمنها كل دائرة الملاحم.وتضمن هذا قصائد أخرى عن حرب طروادة مثل الألياذة الصغيرة والنوستوي والسيبيرية والرثائية والقصائد الطيبية عن أوديب وأبنائه. كما تتضمن الأعمال الأخرى المنسوبة إليه الأناشيد الهوميرية، والملحمة الكوميدية المصغرة حرب الضفادع والفئران التي يُعتقد الآن أنها لا تخصه.قصيدتان أخرى ان هما أسر أوخاليا وفوكايس صُنفتا ضمن الأعمال الهوميرية، لكن السؤال حول هوية مؤلفي هذه الأعمال المتنوعة أكثر إشكالية من السؤال حول هوية مؤلف الملحمتين الرئيسيتين.

أسلوب هوميروس

يُلاحظ أرسطو في فن الشعر أن هوميروس كان فريداً بين شعراء زمانه بتركيزه على ثيمة محددة أو حدث معين في ملاحمه. ويصف ماثيو أرنولد خصائص أسلوبه المميزة بقوله:« ينبغي أن يكون مترجم هوميروس واعياً بأربع خصائص هامة تميز مؤلفه: أن أفكاره متلاحقة. وأنه بسيط ومباشر في تطوير أفكاره وفي التعبير عنها وهذا يشمل كلماته وتراكيب جمله. كما أن مادة فكره بسيطة وصريحة، أي أن أفكاره بسيطة في جوهرها. وأنه شديد النبل.»تعود سُرعته المميزة إلى براعته في استخدام الوزن السداس عشري، ومن خصائص الأدب المبكر أن تطور الفكر أو صيغة الجملة النحوية محكومٌ بتركيب النظم، وبالتبادل بينهما ينتج النظم، وتتركب الجملة.حيث تُعطى الفكرة مقسمة إلى أطوالٍ معينة، وتُقسَم هذه بدورها إلى وحداتٍ تُنتج وقفات متماثلة تؤدي إلى حركة سريعة يُصعب معها إدراك الفكرة من دون الرجوع إلى العروض لمعرفة النظام الذي يُبنى عليه النص، وطريقة تقسيمه.يملك هذه السرعة، لكنه لا يقع في عيوب التتابع هذه، فلا يُصبح نصه سريعاً متطايراً، أو واحد النغمة، مما يُثبت براعته الشعرية. ويُشير أرنولد إلى أن موهبة هوميروس الفائقة في النظم شبيهة بموهبة فولتير، خصوصاً في الألياذة، بينما تقبع الأوديسا في درجة أدنى منها بسبب وجود عيوب في التتابع.ويكمن الدليل في عدم انتساب هوميروس إلى الملحمية الغنائية، وتفوق قصائده على أسلوب البالادات في البنية الفنية العالية لقصائده، وفي قيمة النُبل الكامنة فيها. فأسلوب هوميروس نبيل وقوي، ومتدفق رغم تغيير الأفكار والمواضيع، مما يُفرق بين هوميروس وبين شعراء الملحمة الغنائية.شعر هوميروس فطري مثل الملاحم الفرنسية كأغنية رولان، ويُمكن تمييز أسلوبه بسهولة من أساليب فرجيل ودانتي وميلتون بسبب سهولة حركته ووضوحه التام. كما يُمكن تمييز أسلوبه عن أساليبهم لغياب الدافعٍ العاطفي وراء النص.ففي شعر فرجيل، دافع النص الخفي الذي يُحرك بلاغته إحساسُ بعظمة روما وإيطاليا، يُخفيه أحياناً وراء رقة لغته. بينما دانتي وميلتون شديدا الوفاء لتعاليم زمنهما الدينية وسياساته.بل إن الملاحم الفرنسية نفسها تُظهر عواطف الكراهية والعداء ناحية السراسنة، بينما تهتم أعمال هوميروس بالتأثير الدرامي وحسب. فلا يوجد عنده شعورٌ قوي مضاد لعرقٍ أو دين، ولا تكشف حربه عن أحداثٍ سياسية، وحتى سقوط طروادة يقع خارج نطاق الألياذة، ولا يُمكن مماهاة أبطاله مع أبطال الإغريق القوميين. يكمن موضع اهتمام هوميروس في العواطف البشرية والدراما، حيث تُرى أعماله أحياناً بوصفها أعمالاً درامية.

الألياذة :

الألياذة هي أشهر الملاحم الشعرية للشعوب والتي أجمع عليها النقاد كنص شعري يروي قصة نشوب حرب طروادة بأسلوب بسيط ومتقن الحبكة ، وهى تتألف من اكثر من 15 الف بيت شعري موزعة على الكثير من الأناشيد.
هوميروس الألياذة الأوديسا
وفيها يسرد لنا الشاعر كيف نشبت مشاجرة بين البطل أخيل وبين أجامنون على أثر اختطاف أحدى الأميرات الإغريقيات والتي كانت زوجة أجامنون، ولم يكن البطل العظيم أخيل مكترثاً لأمر زوجة أجامنون بقدر ما كان يريد المشاركة في الحرب من اجل الخلود كمقاتل عظيم عبر التاريخ , لتستمر الاحداث الملحمية التي شاركت فيها ألهه الأغريق الأسطورية تبعاً لميل كل أله لاحد ابطال الحرب.

الأوديسا :

جاءت الأوديسا بمثابة أكمال ما ألت إليه الأمور في طروادة بعد الحرب , سارداً فيها حكايات القادة والجنود في رحلة عودتهم إلى ديارهم والتي طالت لما يقرب من العشر سنوات واجه فيها القائد اديسيوس مخاطر عدة وكائنات اسطورية , نتيجة غضب أله البحر بوسايدون عليه وعداوته له.
هوميروس الألياذة الأوديسا
يرى النقاد في الأوديسا ملحمة شعرية أكثر تماسكا من الألياذة وهي تتألف من 12200 بيتاً موزع على العديد من الأناشيد ، كما يعتقد أنها كانت في 700 قبل الميلاد ونتيجة للاختلاف الزمني فيما بين الحقبتين الشعريتين أدعوا أن مؤلفهم ليس الشخص ذاته أستنادا إلى الفارق الكبير بين الأسلوبين وطريقة السرد الشعري ، وتحاول رؤية متوسطة رأب الخلاف بين الطرفين، بالقول إن الألياذة كانت من تأليف هوميروس في سن الرجولة، بينما جاءت الأوديسا في شيخوخته. ويتفق الجميع على أن الأناشيد الهوميرية والملاحم الدورية قد أُلفت في زمان يلي زمان الملحمتين .نعود مرة أخرى لهوميروس , فقد كان فريداً بين شعراء زمانه بتركيزه على ثيمة محددة أو حدث معين في ملاحمه كما يملك هسرعة كبيرة ، لكنه لا يقع في عيوب التتابع ، فلا يُصبح نصه سريعاً متطايراً، أو واحد النغمة، مما يُثبت براعته الشعرية.فموهبته الفائقة في النظم شبيهة بموهبة فولتير، خصوصاً في الألياذة، بينما تقبع الأوديسا في درجة أدنى منها بسبب وجود عيوب في التتابعيعد هوميروس أحد أكثر الكتاب تأثيرًا على إطار واسع، وذلك من أجل الملحمتين اللتين هيئتا قاعدة للتعليم والثقافة اليونانية خلال العصر الكلاسيكي، فهو شاعرٌ الأغريق الأول.ويعتبر المعلم الأول لنظم القصائد . ومنه خرجت أجيال تنهل من الالياذة و الأوديسا تلك الملحمتين اللتين صيغت بأسلوب أدبي شيق .. وقد استطاع تخليد نفسه في عالم الشعر والادب تماماً كخلود الالهة الاغريقية التي كتب قصصها في ملاحمة .